واجه
الإنسان على مدار التاريخ، العديد من
الأحداث المأساوية، بدءًا من الإقصاء والتهميش، مرورًا بالعنف، وصولاً إلى
الكراهية، العدوانية والإبادة الجماعية. تنوعت أسباب هذه الأحداث تراوحت بين ما هو
سياسي و آخر ديني واقتصادي، إلا أن النتيجة ظلت واحدة: معاناة البشر من الظلم
والقهر. في ظل هذا الواقع، يبرز تساؤل جوهري: هل يمكن للصفح أن يكون ممكنًا؟
" تفيد كلمة ’صفح في اللسان الفرنسي‘ الغفران ( الذي تمنحه الكنيسة)، والمغفرة الإلهية والعفو. كما تعني ’المسامحة والصفح‘. وفي استعمالات يومية
معيّنة، تأتي بمعنى’ عفواً، ومعذرة، وأستميحك عذراً‘".
أما في اللسان العربي، فهو يعني :"الصفح بالنسبة للناطقين بالعربية، العفو عن الشخص، وتجاوُز ذنبه، ومسامحته. يقال: ’صَفَحْتُ عن ذنب فلان، وأعرضتُ
عنه، فلم أُؤاخذه به، وتركتُه‘. ويُعدّ الصّفُوح كريماً، لأنه ’يصفح عمّن جنى
عليه‘".
لكن يبقى السؤال قائمًا: كيف يمكن للإنسان أن يكون بهذه القسوة
والبشاعة والوحشية التي تدفعه لاحقًا إلى طلب الصفح؟ وهل التسامح ممكن في ظل هذه
الجرائم؟
رغم المعاناة التي رافقت مسيرة الإنسان
عبر التاريخ، إلا أنه كائن مبدع وفاعل يمتلك الإرادة والحرية. تمتزج فيه الحياة
التأملية العميقة والحياة النشيطة المنتجة. وفيلسوفتنا حنة أرندت أنارت شمعة الأمل،
من أجل أن يسير الوضع البشري نحو مسار أكثر إنسانية وعدالة، لمواجهة الشر الذي تناولته
في أعمالها. وطرحت أرندت الصفح كحل جوهري، الذي يفتح إمكانية الحوار، ويفتح أبواب الانفتاح
على الآخر. تقول أرنت: " هكذا بما أننا لا نستطيع التوقف على الفعل طالما
حيينا, علينا ألا نتوقف عن الصفح كذلك".
إن الصفح يمحو ما حدث ومعه
نبدأ بداية جديدة، فهو فعل إنساني " ...إن الصفح الفعل الإنساني الوحيد الذي
يخلصنا والآخرين من سلسلة ونوع النتائج التي تتولد عن كل فعل".
الذي يصفح يفعل والذي يفعل يصفح، فمن أجل مجتمع يتسم بالحرية والديمقراطية
والعدالة، لا بد من إرساء ثقافة التسامح والحوار، داخل المجتمع، ونسيان الماضي وما
سببه من مجازر وألم وظلم، أي تهدئة الذاكرة الجماعية وتضميد جراحها.
فالمصالحة الحقيقية لا تتحقق إلا من خلال نسيان ما سببه العنف منن مآسٍ ومجازر وظلم،
وفتح صفحة جديدة قوامها المغفرة والتعايش السلمي. حيث تقول أرندت: " فالعفو
يمكّن من حذف أفعال الماضي، الذي تكون ’خطاياه‘ معلّقة مثل سيف دوموكليس فوق كل
جيل جديد".
وبما أن أرندت قامت بتحليل الجرائم والمجازر التي تم اقترافها من قبل
الإنسان بحق بني جنسه، إلا أنها تدعو الذاكرة إلى النسيان والصفح من أجل
مستقبل أكثر إنسانية. كل الشعوب تشترك في الألم والمعاناة، وذاكرتها حافلة
بالصور المؤلمة، وطبعا علاجها ليس في الانتقام أو العقاب، أو تكرار دوامة العنف، بل
في المصالحة والتسامح.
إن ما يمكّن المرء
من الخلاص والمصالحة مع الذات ومع الأحداث التي مضت وانقضت لا يملك حيالها أدنى
قدرة على الفعل هو ملكة العفو والصفح. فالعفو يمكّن من التحرر من ثقل الماضي. إن الصفح
لا يكون إلا على الأمور الكبيرة، الأمور التي يُظن بأنه لا يمكن الغفران فيها هي التي تستحق
الصفح. لأن الماضي يظل عبئًا ثقيلاً يحمله الإنسان على ظهره، دائماً يعود إليه باستمرار،
ويدفعه إلى الغرق في دوامة لا نهائية من الكراهية إن لم يملك القوة الكافية لنسيانه.
ولهذا، ترى أرندت أن الوئام والسلام يجب
أن يسودا العالم، لأنهما وحدهما الكفيلان بإنهاء دوامة الصراع والعداوة. إن الصفح
والمصالحة : والمقصود هنا بالمصالحة تلك الجهود المبذولة التي ترنو إلى إرساء سلام
دائم وتعزيز الثقة بين الأفراد والمجتمعات، حتى بين الخصوم الذين فرقتهم صراعات
الماضي.." وتتم الإجراءات التصالحية من خلال صيغ الحوار والتضامن السلمي الذي
يفضي إلى الاعتراف بالأخطاء وكشف الحقائق بغية الصفح عن الماضي أو بعضه من أجل هدف
أكبر هو رأب الصدع بين الأطراف المتصارعة لتحقيق سلم شامل". يقول
نجيب محفوظ: "من يحمل الماضي تتعثر
خطاه".
يمتد الصفح ليشمل حتى الجرائم التي ارتكبت ضد الإنسانية، فهو لا
يقتصر على من طلبه، بل حتى لأولئك الذين قاموا بالتدمير والتفجير والإبادة
الجماعية. بواسطته نستطيع مقاومة بشاعة العالم، إذ يمثل العلاج الحقيقي لشروره، نظراً لأنه لا ينبغي مواجهة الشر بالشر. فالكائن البشري رغم الجرائم التي يرتكبها،
ينبغي تجاوز اختزاله في هذه الخانة، يمكنه الوصول إلى درجة من الرقي في سلوكه. لذا
لا بد من الحد من الشر واستبداله بالصفح، الرحمة، الحوار، التسامح، الرأفة؛ لأن الانشغال بالانتقام والعقاب، القصاص، العنف، الشراسة، كلها تؤدي إلى إعادة إنتاج العنف وإبقاء المجتمعات عالقة في دوامة الكراهية والدمار. لماذا الصفح؟ ببساطة، لأنه لا يمكن للإنسان العودة إلى الوراء
لإصلاح كل ما دمر، أو إرجاع شخص أزهقت روحه...
يقول الباحث المغربي في الفلسفة
السياسية نبيل فازيو على هذه الفكرة: " يعني هذا، في جملة ما يعنيه، أن الصفح
آلية لاستيعاب الماضي والتصالح مع الذاكرة، قصد التخفيف من وطأة وقسوة الشعور
بالعجز أمام حتمية سير الزمن وعدم قابلية العودة إلى الماضي". وبما أن هناك أفعالاً بلغت من الشر حدًّا لا
يمكن إصلاحه، تلك الأفعال التي بلغ فيها الشر كماله، لذلك فالصفح هو التعويذة السحرية التي يمكنها أن تفتح أفقاً جديداً في
المستقبل ويمنح الأفراد والمجتمعات فرصة البدء من جديد. لذلك، لا بد أن ننفتح على
بعضنا البعض، لأن الانفتاح على الآخر، والتواصل والتعارف بين البشر هو السبيل
لتجاوز العدوات وبناء المجتمعات. وتؤكد حنة أرندت على هذه الفكرة بقولها:
"والملكتان تابعتان، إذن، للكثرة، ولحضور الآخرين وفعلهم، ذلك أنه لا يستطيع
أي فرد أن يعفو عن نفسه كما لا يستطيع أي
كان أن يشعر بارتباطه بوعد قطعه على نفسه؛ إن العفو وقطع الوعود في الوحدة، والعزلة تبقيان غير واقعيتين، ولا يمكن أن تعنيا أكثر من دور يقوم به المرء أمام
نفسه".
والصفح رغم جذوره الدينية، إلا أنه لا يستثني أحداً، فهو ليس حكرًا على أي
ديانة أو ثقافة بل هو مفهوم كوني، فهو رد الفعل الوحيد القادر على القضاء
على الآثار التي سببها الشر، فالإنسان لا يقبض على الحاضر، كذلك المستقبل ما نعرفه
عنه هو فقط مجموعة من التوقعات، وكلاهما أي الماضي والمستقبل سرعان ما ينصهران لكي
يصبحا ماضيا.
إذن فالإنسان له ذاكرة حية تخزن تفاصيل الماضي، لذلك ينبغي
التعامل مع هذا الماضي وذاكرته بذكاء وحكمة، لأن هذه الذاكرة بحوزتها عقد وأزمات
وآلام وحقد وكراهية، وضغينة...إن الذاكرة مخيفة، الإنسان وَفِيّ للماضي، أما
النسيان عدوها اللدود، هو الذي يخونها وحضوره ضرورة. يقول الفيلسوف التونسي فتحي
المسكيني: " إن النسيان هو شكل الصمت الوحيد الذي يجعل الحياة قابلة لأن
تُحب".
يُضيف: " وحسب تعبير نتشه’ ليس يمكن أن يكون ثمة سعادة ولا صفاء ولا رجاء ولا
فخار ولا حاضر من دون نسيان".
إننا هنا نتأمل ونفكر حول هذه الأمور التي تم ارتكابها، هذه الأمور التي لا
مبرر لها، والتي تم الإفراط فيها. " من اللافت أن مفهوم الشر يدخل أولا من
جهة الأفعال حقل التأمل حول ما لا يبرر قبل أن يتحول إلى الذات الفاعلة...فإن ما
لا يُبرر يشير إلى الإفراط في استعمال ما هو غير صالح ... قساوة ما, حقارة معينة,
أو عدم مساواة صارخة...". في كتاب ارنت ’الوضع البشري‘ تقول : " إن
ذنوبها الكثيرة قد غفرت لأنها قد أحبت كثيرا: ولكن من تعفو عن القليل من أفعاله
فإنه يحب قليلا كذلك".
نلاحظ ارتباط العفو بالحب باعتباره أي الحب بوابة العفو، رغم قلة
الحب في الحياة البشرية؛ يؤكد ذلك فتحي المسكيني بقوله: " الحياة هي إمكانية
المحبّة المتاحة للبشر في أفق مجتمع ما".
لقد قامت ارنت بربط الحب بالعفو وهو وحده أي الحب قادر على العفو، فهو ينسج علاقات
اجتماعية ذات قيم سمحة. فالشخص الذي يمتلئ بالحب يحب الوجود وبالتالي يكون
صفَّاحاً وتتعاظم فيه الرحمة، فهو تصرف أخلاقي مسؤول وواعٍ. إن الحب حسب أرندت هو
القوة المناهضة للسياسة، إذ يتجاوز المصالح والصراعات ليؤسس علاقات إنسانية قائمة
على الصفاء والنقاء. فهو أرقى وأسمى أنواع العلاقات التي تجمع البشر في هذا
العالم، حيث يكون القلب خاليا من الأحقاد والضغائن، متحررًا من الشوائب التي تعكر
صفو العلاقات الإنسانية. تعتبر المحبة من أجمل الفضائل الإنسانية، التي يمكن
للإنسان أن يتجمل بها، لذلك على الإنسان أن يحب الناس ويلتمس لهم الأعذار في
أخطائهم، حيث يجبر كسر الضعفاء، ويرحم من يتعثر ويمد يد العون لمن يحتاج.
لقد
أوضحت أرندت بأن المجال الخاص والعام متدخلان، واعتبرت الحب هو أقوى من الأشكال
السياسية التقليدية التي تجعل من العنف
وسيلتها المفضلة. في مقابل ذلك، تؤكد أن الصداقة والحب قوتان تستطيعان أن
تنشران السلام والقضاء على التسلط. كما أن أرسطو اعتبر الصداقة هي الماهية
الحقيقية التي تربط الإنسان بالآخرين، فهي ليست مجرد رابطة اجتماعية، فقد أكد على أنها فضيلة أخلاقية وضرورة حياتية، تنبع
من محبة الخير؛ لذلك فهي تدوم وتستمر. فهي مطلب للحياة المشتركة، بل اعتبرها أرسطو
ذات قيمة وأهمية أكثر من الثروة، والجاه بل وحتى من العدالة؛ نظراً لدورها في خلق
التعايش السلمي بين الشعوب وتجنب النزاعات، وهو ما يسهم في استقرار الدول
واستمرارها. تبعا لذلك، لو سادت الصداقة الحقيقية المبنية على المحبة بين
الناس، لما كان هناك حاجة إلى القوانين الصارمة والأنظمة القضائية؛ وبالتالي فهي تنسج علاقات إيجابية، ومحك حقيقي
لقدرة الإنسان على الانفتاح وقبول الاختلاف ومحبة الخير للإنسانية جمعاء.
تناولت
أرندت أيضا مفهوم قطع الوعود، فإذا كان الصفح زمنيا مرتبط بأفعال الماضي فإن الوعد منفتح على المستقبل وضمانة له. في هذا
السياق، يقول الباحث المغربي في الفلسفة السياسية والاستشراق نبيل فازيو في هذا
الصدد ما يلي: " الصفح من هذه الجهة تكمِلَةٌ لقدرتنا على قطع الوعود (
التعهد) باعتبارها آلية لترميم الثقة بين الناس". الصفح
الحقيقي يتجاوز الممكن ليشمل حتى ما يُعتقد أنه غير قابل للغفران! كما لا ينبغي أن
يكون من وراءه منفعة، لأنه ليس مقيد بمصلحة شخصية. يؤكد الفيلسوف وعالم الاجتماع
المعاصر إدغار موران Edgar Morin: على أهمية النسيان حيث يقول: " النسيان واجب, وإلا أصبحنا
مجانين".
كما أنه - الصفح- ليس مرتبطاً بالدولة، ليس لها الحق في منحه، بل يعود الأمر
إلى الضحايا أنفسهم، شريطة أن يكونوا على قيد الحياة. وهو ما يشير إليه توماس هوبز
بالقول: " كل فرد قادر على الصفح عما ارتكب ضده وفقا لقراره الشخصي". أفضل الناس هو ذاك القادر على الصفح، لأنه يساهم في تأسيس دولة ديمقراطية وسلمية.
لقد سعت أرندت في فلسفتها السياسية إلى
البحث عن عالم غير كلياني، عالم يُتيح للأفراد العيش في ظل أنظمة ديمقراطية. لذلك تطرقت
لمفاهيم محورية من قبيل العمل، الأثر، الفعل، الحرية، المجال العمومي...باعتبارها
ركائز أساسية لفهم الوجود البشري. وفقا لذلك، تؤكد أرندت أن العفو يمثل النقيض
المباشر للانتقام، تعكس تعاليم المسيحية هذا التصور بوضوح، إذ تقول: " إن
الحرية التي تحملها تعاليم المسيح حول العفو هي التحرر من الانتقام".لكي
يتحقق الانسجام في المجال العمومي وتجاوز النزعة الانتقامية التي تتعدد سلبياتها،
لا بد من مصالحة بين الضحية والجلاد، لكي يتم القضاء على الشر أو التخفيف منه.
غير
أن ذلك يستلزم تمتع الأفراد بحرية التفكير والحرية السياسية، بعيدًا عن كونهم مجرد
أداة بيروقراطية تفرض عليهم قوانين تتناقض مع إرادتهم. يُمارس الشر في الفضاء
العام برعاية مؤسسات سياسية وإعلامية، مما
يجعل مقاومته مرهونة بمدى قدرة الأفراد على استعادة المبادرة السياسية وتحرير
المجال العمومي من سيطرة الأيديولوجيات التوتاليتارية. يمثل الصفح فضيلة أساسية "
وتمكن ملكة الصفح من جعل الإنسان متواصلا مع المجموعة ومتوائما مع كثرتها
وتعددها".
تمكن ملكة الصفح من التوازن والاندماج في مجتمع يكون فيه التفاعل إيجابي رغم
تعدديته. لقد أكد جاك دريدا على فكرة
باعتبار الشر مستحيلاً من الناحية النظرية، لكنه مع ذلك يظل ممكناً في سياقات معينة.
حيث يقول: "لا صفح، إذا ما وُجد، إلا لما لا يقبل الصَّفح".
لأن ما يستحيل جبر ضرره يقبل الصفح، الجرائم الصغرى تقبل التسامح والنسيان
وهي أقل درجة من الصفح، لأنه أي الصفح يتجاوز الحدود سواء كانت سياسية أو دينية أو
قانونية. وبالتالي فهو وسيلة لمواجهة التاريخ الدموي للبشرية وإعادة ترميم
العلاقات الإنسانية. يشغل المشهد الفلسفي المعاصر بمفاهيم الصفح، العدل، والتسامح،
واللاعنف... نظرًا لكون إنسانية الإنسان أصبحت في خطر.
لهذا ركزت أرندت على
الاهتمام بالعالم والبحث عن كل ما يمكن أن يُحافظ عليه فهو بيت التعايش
والتواصل، والمشاركة الفعّالة في تنظيمه، لتجاوز الأزمات كيف ما كان نوعها."ونظر حنة آرنت، المشترك هو العالم، لأنه لا يُبنى إلا شركة واشتراكا، مثلما أن
السياسة لا تُقام على نحو سليم إلا شِركة"..
" بيد أن قصص أرنت قد تغرس فينا حبا كافيا للعالم (amor
mundi) لتقنعنا بأن فرصة تجنب دمار عالمنا لجديرة
بأن تُقتنص".
إن الإنسان كائن أخلاقي لديه مبادئ وقيم سامية تنظم سلوكه. في
هذا السياق، نتطرق لموقف الفيلسوفة الأمريكية جوديث بتلر Judith Butler التي قالت في مقال حديث لها في ظل ما يحدث
الآن على المستوى السياسي ما يلي: "أريد عالماً تنعتق فيه الرغبات العميقة
لكلّ سكان تلك الأراضي بالعيش المشترك في مناخ تسوده الحرية واللاعنف والمساواة
والعدالة".
وترى بتلر بأن هذا الأمل قد يبدو ساذجا للبعض، إلا أنها ترى ضرورة التشبث
به بقوة.
يقول الباحث والمترجم المغربي حسن العمراني في تقديمه لمقال جماعي معنون
بالصفح والمصالحة ما يلي: " أن سؤال الصفح وسؤال النسيان يلتقيان في تهدئة
الذاكرة والوصول إلى نوع من النسيان السعيد، لكنهما ينفصلان عند الإحالة على
إشكالية الذاكرة والوفاء للماضي. من هنا تأتي سياسات الذاكرة كما تظهر في روح
العفو والعفو العام والتقادم وجبر الضرر أو التعويض، وغيرها من الإجراءات التي
تتجه إلى المستقبل".
لذلك، على سكان هذا العالم أن يتحدوا، من أجل السعادة والقضاء على العنف، والسعي
إلى ترسيخ القيم الإنسانية النبيلة. فالإرادة الجماعية قادرة على صنع التغيير، لكن
المشكلة تكمن في غياب الفعل المشترك رغم توفر الإمكانيات. وكما أشار الدكتور توفيق
رشد، بأن العالم قد يجتمع من أجل أن يقضي على الأوبئة والأمراض، كما حدث خلال
جائحة فيروس كورونا، لكنه لا يجتمع للقضاء على الفقر والظلم والاستبداد، رغم أن
هذه الأزمات لا تقل خطورة عن الأوبئة الصحية. إن العدالة والتضامن والتسامح ليست
مجرد شعارات، بل هي مسؤوليات تقع على عاتق المجتمعات والدول، لتحقيق عالم أكثر
إنسانية، حيث لا يصبح القضاء على الفقر والاستبداد مجرد خيار، بل ضرورة لا تقل
أهمية عن مواجهة الجوائح.
جاك
دريدا, الصّفح, ما لا يقبل الصفح وما لا يتقادم, ترجمة: مصطفى العارف, عبد الرحيم
نور الدين, منشورات المتوسط, بغداد, ط1, 2018, ص 6ـ 5.
حنّة
أرندت, الوضع البشري, ترجمة, هادية العرقي, مؤسسة مؤمنون بلا حدود, ص 259.
نبيل
فازيو, الفعل, والصفح, وأزمة عالم متصحر, مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث 14.
حنة
أرندت, الوضع البشري, ترجمة, هادية العرقي, مؤسسة مؤمنون بلا حدود, ص 259.
فتحي
المسكيني, الهجرة إلى الإنسانية, دار الأمان, الرباط, ط1, 2016, ص 341.
فتحي
المسكيني, الهجرة إلى الإنسانية, دار الأمان, الرباط, ط1, 2016, ص 342.
بول
ريكور, الذاكرة, التاريخ, النسيان, ترجمة وتقديم وتعليق: جورج زيناتي, دار الكتاب
الجديد المتحدة, 2009, ط 1,ص676.
حنة
أرندت, الوضع البشري, ترجمة, هادية العرقي, مؤسسة مؤمنون بلا حدود 264.
فتحي المسكيني, الهجرة إلى الإنسانية, ص 342.
نبيل
فازيو, هل لانزال قادرين على الصفح؟, مجتمع للدراسات الثقافية والتاريخية, 2024. ن
المصالحة
والتسامح وسياسات الذاكرة, ترجمة حسن العمراني, دار توبقال للنشر, الطبعة الأولى
ص: 49.
توماس
هوبز, اللفياتان الأصول الطبيعية والسياسية لسلطة الدولة؛ ترجمة: ديانا حرب, وبشرى
صعب, مراجعة وتقديم: د. رضوان السيد, ط1, هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث
"كلمة" ودار الفارابي 2011, ص 339.
جاك
دريدا, الصّفح, ما لا يقبل الصفح وما لا يتقادم, ترجمة: مصطفى العارف, عبد الرحيم
نور الدين, منشورات المتوسط, بغداد, ط1, 2018, ص 71.
حنّة
أرندت, في السياسة وعداً, ترجمة وتقديم: معز مديوني, مراجعة: ناجي العونلّي,
منشورات الجمل, بيروت ـ بغداد, ط1, 2018,ص 9.
حنّة
أرندت, في السياسة وعداً, ترجمة وتقديم: معز مديوني, مراجعة: ناجي العونلّي,
منشورات الجمل, بيروت ـ بغداد, ط1, 2018, ص 42.
جوديث
بتلر, بوصلة الحداد( تكتب عن العنف وإدانته) ترجمة: حسام موصللي, مجلة رمان
الثقافية, 2023.
ملف بحثي الصفح والمصالحة, تقديم:
حسن العمراني, مؤمنون بلا حدود, 2014, ص3.